( ما تمت كتابته ليس تبريراً لعمل هذه الفتاة و إنما هي نتائج غير مباشرة لتراكمات حُقب الحياة على الجميع بلا إسثناء )
مرحباً سيدي القاضي، أنا اسمي (معصية)، كائن حي ولله الحمد، ابنة الثلاثين حياة، لي في كل سنة حياة مختلفة، حسناً قد لا تكون مختلفةً تماماً. أتيت تنفيذاً لطلبك سيدي القاضي. و أنا لا أطلب منك الرحمة؛ فأنت رجل و أنا أخشى الرجال. سيدي القاضي أنا اسكن في عِدّة مساكن، تجدني تارةً في صحيفتك اليومية، وتارةً في شاشة تلفازك الضخم، وتارةً أُخرى في لوبيات الفنادق وسراديبها! وستجدني كثيراً في الروايات المُفضلة لأبنائك الذكور و لبناتك (المعاصي)، تجدني بالطبع من دون محرم! سيدي القاضي حكايتي تتكون من ثلاثة حُقبات زمنية، ألتمس منك التلطف والصبر للإستماع لها، فأنا مُقدرةٌ إنشغالكم؛ فأنتم رجال و الرجال مشغولون دائماً لجلب لقمة العيش لذويهم وجلب مُحفزات الحياة السعيدة للمنزل.
الحُقبة (الأولى) من سن 1 - 10
سيدي القاضي، أنا وُلدت في مستشفى حكومي كغيري من (المعاصي)، وكانت لي أم جميلة، ولكي أكون أكثر صدقاً، كانت جميلة في الصور فقط، لأنها معصية مثلي تماماً. وكان لي أخ، ذكر، رجل، حنون جداً، كان يضربي ثلاث مرات في اليوم، لا تحزن يا سيدي فقد كان كالمضاد الحيوي و أنا كالجسد المريض، كان يعالجني، أرأيت كيف يُدرس الحنان يا سيدي! الضرب بقصد العلاج، نعم هذه هي الأخوة الحقيقية. انتقل إلى من أقف احتراماً له، أبي، ذكر، رجل أيضاً، دائماً ما يسمح لي بالخروج والتنزه، أتصدق؟ أمازحك سيدي فقد كان يسمح لي بالخروج من غرفته لكي ينام، مسكين أبي جسده الهزيل لا يقوى على التربية، فقط يقوى على الخروج و الإنشغال في حياته. الحمدلله يا سيدي القاضي لقد تربيت أحسن تربية، وعرفت أهدافي و رسمت مستقبلي منذ الصغر و ذلك بفضلهم.
الحُقبة (الثانية) من سن 11 - 20
لون رمادي، والحمدلله لم أجلب العار حتى الآن...
الحُقبة (الثالثة) من سن 21 - 30
أنام و أصحوا، وعلى نفس الجدران أصبح و أمسي، و على نفس الأصوات الفيروزية أعيش. وكان الإتيكيت يشغل حيزاً في تعاملات هذا المنزل، هل تصدق ذلك؟ كنت أحاول الهروب كثيراً من واقعي الإفتراضي إلى التلفاز فأجده عالماً كاذباُ؛ فقد كنت أظن أن جميع (المعاصي) في التلفاز والاتي بسني يعشن بنفس اللون الذي أعيش به، ولهذا كذّبت ما أشاهده! ما علينا كلها أفلام هندية يا سيدي القاضي! كثيراً ما أتأخر عن الجامعة بسبب أخي أو أبي فقد كانا مسكينين، يتأخران ليلاً ولا يستطيعان أن يصحيا مبكراً. على فكرة يا سيدي القاضي لا تفهمني بشكل خاطيء فلا أريد قيادة السيارة ولا أطالب بها، فلست بحاجتها ولله الحمد لأنني لا أحب الخروج كثيراً. كل ما أريده يا سيدي أن أذهب إلى جامعتي مبكراً ليس من أجل الدراسة فقط بل من أجل أن أكون مع عشيقتي (ذنب)، و التي كنت أنسى معها أنني تأخرت بل وكنت أنسى معها أبي و أخي وحياتي كلها. و أسمح لي أن أنتقل إلى موضوع غير موضوع عشيقتي (ذنب) فالباقي من الحديث مُشفر ولا استطيع التحدث فيه!!! سأتحدث عن حياتي الزوجية والتي بدأت من سن 28 سنة. تزوجت من ذكر، رجل، مثل أبي تماماً، دائم الإنشغال. وكم أشفق عليه كما كنت أشفق على ابي بسبب إنشغاله المتعب. وبسببه رجعت يا سيدي القاضي لدائرة الجدران و التلفاز حتى تجرأت وجلبت العار للرجال في منزلي!
فنظر ماذا تحكم يا سيدي الرجل القاضي. و تذكر بأني لا أطلب الرحمة، وتذكر أيضاً يا أيها القاضي المنشغل بأن في بيتك (معاصي)!!
* تم إصدار الحكم من الرجل القاضي المنشغل على تلك (المعصية) بالزوال، وسارت الحياة وكأنّ المعصية لم تكن.
الشاهد الأول/ أحمد خالد النعيم