السبت، 9 يونيو 2012

إلى كل من يرى النصف الفارغ


     ((حي على الصلاة... حي على الفلاح... الله أكبر... لا إله إلا الله)), نادى المنادي في يوم مليئ بالغبار, في الساعة الرابعة والنصف, كانت صلاة الفجر. ذهبت وأنا أتمايل من شدة النعاس, أديت الفريضة وعلامات العجب تراودني أثناء الصلاة - أسأل الله المغفرة -, كان صوت الصدى قد ملأ المكان, حين انتهيت أخذت أنظر في المُصلى ولم أجد سوى قِلّة من المصلين لا يتجاوز عددهم عدد أصابع الكفين, سبحت لله ثم رجِعت.

     في يومٍ آخر قابلت أصدقاءَ لي اعتدت على أن أقابلهم بين الفينةِ والأخرى, تجاذبنا أطراف الحديث وأصواتنا بين عُلوٍّ وهبوط, نظرت في عيني الذي علا صوته معارضاً لما نقول... كعادته! الذي يرى بأن سائر المخلوقات في السماء والأرض تقف مرصاداً له. يقول أنه لم يعمل شيئاً قط إلا وقد دنت له المشاكل من كل الأزِقة. حين استمعت لما قال وقد بانت في وجهي نفس ملامحه, حينها عرفت أنه ذلك المخلوق المختلف!, حيث أن له صفات كثيرة منها ( الوجه الذي ارتسمت عليه تجاعيد الزمن قبل موعدها, التذمر على نفسه قبل الآخرين, عدم القدرة على العيش يوماً واحداً دون ذكره لاسم "مشكلة"...). هذا المخلوق يسمى " المتشائم السلبي", وأطلقت عليه اسم " مخلوق مختلف" لأنه مختلف كل الإختلاف عن البقية؛ حيث انه يرى نصف الكوب الفارغ من الحياة ويتجاهل النصف الممتلئ وينظر بمنظار مختلف ويسمع مالا نسمع ويفكر بطريقةٍ استثنائية بعيدة كل البعد عن الواقع, أي أن له عالماً خاصاً من الخيال يرى فيه فريقين, الفريق الأول يتكون منه هو وهو فقط والفريق الخصم يتكون من 7 مليارات شخص!. في الحقيقة خيال المتشائم السلبي ينعكس على عالمه الواقعي بالحرف الواحد. بعد استماعي لحديثه المسموم قلت له: " اذكر الله وتوكل عليه ", قال لي وهو معتاد على قولها: " ونعم بالله " وكأنني الشخص المليون الذي يقول له هذا القول. قالها بدون تفكير وبسرعة تناسياً منه بأن الله رحمن رحيم.

     عجبي من بعض المتشائمين كيف يؤدون الصلاة ويذكرون اسم الله في الصبح والعَشِي ويحفظون اسمائه الحسنى من بينها ( الرزّاق ) ولا يؤمنون بها صدقاً حيث أن أفعالهم وأقوالهم بعيدة كل البعد عن هذا الإيمان. فهم يركضون بحثاً عن الرزق, ولكن خيالاتهم تركض للمعوقات بشكل اسرع, والكثير منهم يفقد الأمل مع أول تجربة يفشل بها, في حين أن الله خلق السماوات والأرض ولم يعيا بخلقِهم, فلن يعييه رغيف عيشٍ يسوقه لهم, إن الله لم ينسى من الرزق من عصاه فكيف بمن أطاعه؛ فلا تطلبون من الله رِزقَ غد لأنه لم يطلبكم بعملِ غد.

     التشاؤم والحزن والألم وإنعدام الثقة الذي يعيشه الكثير أصبح عادة وأصبح ثقافة شعب, هذه الروح السلبية نجدها في كل مكان في الإعلام في سطور المثقفين حتى في الفن فلا أكاد أرى لوحة فنية أو أسمع أغنية أو حتى برنامج ثقافي إلا و أجد فيه من الشكوى وبث الحزن الشيء الكثير. هناك توجيه وتأثير قوي جداً  قد يكون غير مقصود ولكنه مؤثر بشكل كبير شكّل حالة ضعف وخوف من المستقبل والأرجح أنه هز الثقة سواءً ثقة الإنسان بنفسه أو فيمن حوله أو حتى في مجتمعه بشكل عام, هذه الثقة مجرد أن تعود إلى النفس سيتلاشى معه ذلك الخوف الداخلي وستحل هذه المعضلة. حتى تكون متفائل بين كل هذه المؤثرات اقترب أكثر الى الله وإختر من ترافق و لمن تسمع و لمن تقرأ.

     يا صديقي تذكر بأن الله رحيم حكيم يراك فآمن به.وتذكر أيضاً بأن طريق النجاح بدايته الفشل وإن الفشل في حد ذاته نعمة لأنه لولا الفشل لما عرفنا طعم النجاح, فمن رحم الفشل يُولد النجاح, وحين تسمع المنادي ينادي (( حي على الصلاة... حي على الفلاح... الله أكبر... لا إله إلا الله )) استجب واملأ المسجد واملأ نفسك به.


بقلم/ أحمد خالد النعيم.