أحاديثٌ متداولة: " أسعار الذهب اليوم في ارتفاع! هل ستنخفض غداً؟ اكتشف منجم حديث لاستخراج الذهب في هذه البلدة! ميزانيات الدول وإيراداتها تقدر بالسبائك الذهبية في البنك الدولي!", بدون أدنى شك بأن الذهب من أهم المعادن على الإطلاق و من أغلاها سعراً وأكثرها مقاومةً لجبروت الزمن. قال لي فلان من الناس:
" كم أتمنى أن يرجع بي الوقت إلى الوراء لكي أغير من ذاتي واجعلها أكثر قيمةً, قسماً لأدفعن (الذهب) لأمتلك ذلك الوقت من جديد". قال "ذهباً", كم هي من مقارنة عظيمة "الوقت" و "الذهب". من منا لم يقل هذا المثل الشعبي البرئ في لفظه وشكله القاتل في معناه " فلها وربك يحلها!", سؤالي ليس في أي موضعٍ يقال بل (لماذا) هو يقال في أكثر المواضع حاجةً للوقت؟! من وجهة نظري أن الأسباب للتهاون بالوقت سلوكياً ووضع الأمثال الشعبية وتسخيرها له لفظياً ومعنوياً هو ليس بالضرورة مشكلةٌ فردية, إنما هي أساسٌ رُبيت به أجيالٌ وأجيال قاموا على قاعدةٍ بأن الوقت وفير وأن اليوم مثل الغد والغد مثل الأسبوع القادم, تجاهلاً منهم بأنهم يهرولون إلى زمنِ إنحناء الظهر والآم المفاصل, وحين يأتي هذا الزمن سيأتي صديقي ليقول" لأدفعن (الذهب) لأمتلك ذلك الوقت من جديد", مرة أخرى كم هي عظيمةٌ هذه المقارنة "الوقت" و "الذهب", ماذا لو كانت هذه المقارنة ملموسةٌ واقعياً في حياتنا ووضع "الوقت" في شاشات البورصة العالمية و المحلية؟ يا ترى بكم ستكون أسعار الإقفال والافتتاح؟ وبكم ستكون الأسعار في الأسواق العالمية مقارنةً بالأسواق المحلية؟ أكاد أجزم بأن الأسواق العالمية لم ولن تتوقف نمواً ويعلم الخالق وحده ما سوف يكون مع أسواقنا المحلية!, الجدير بالذكر السؤال عن سبل دعم هذا النوع القيّم من السبائك وما هي سبل تعزيز وإثراء البورصة المحلية؟ من وجهة نظري بأن الحل الأمثل يكمن فيّ وفيك من خلال تربية وتأسيس أجيال تخلفنا بثقافة السبائك الوقتية (لمسها, احترامها, تذكرها, الندم على فقدها, وعدم بيعها بأسعار بخسة).
كل إنسان ولد وهو على فطرة رب العالمين, ولو فرضنا جدلاً بأن يؤخذ طفل من منطقتنا المحلية -حيث يعامل الوقت كسائر الروتينيات اليومية- ويُذهب به ليعيش سنيناً قلائل في إحدى المناطق العالمية -حيث يعامل الوقت كسبيكةٍ قيمة, يا ترى ما هو ناتج الطفل؟ أنت اعلم! هل سيحين الوقت للنظر لهذه السبيكة ولكن من زوايا أخرى؟ هل سيحين؟ ولا تدري "فلها وربك يحلها!".
بقلم/ أحمد النعيم