الاثنين، 13 أغسطس 2012

ثلاثة شباب، ومعهم (عمر)


     ثلاثة...، يتشاركون العمر ذاته، المدينة ذاتها، المجتمع ذاته، ولكلٍ منـهم حـياةٌ قابــعةٌ في بُعدٍ آخر، قد ترى في وقائع حياتهم الكثير من التشابه بمن هم بجانبك الآن و أنت تقرأ هذه السطور. سأذهب مباشرةً إلى صديقي ( علي ). دعني أقدمه لك، هو شاب يعشق المرآة، يهوى النظر إليها، لأنه يرى ما أورثته يديه على نفسه ومظهره من خلالها، فهو يرى ذلك الشاب الوسيم المدعم بجميع وسائل
وصرخات الموضه الغربية. هو شاب في حلقةٍ مستمرةٍ مابين الإستراحات المبعثرة، الأسواق، المطاعم والمقاهي. ويقضي أغلب وقته في لعب ( البلوت و البلايستيشن ... )، اصطياد الفتيات، والنوم. إذاً هو شاب غالباً مانراه في طرقاتنا لا يختلف كثيراً عن البقية سوى ببعض التفاصيل الغير مهمة.

     من صديقي ( علي ) الى زميــلي ( محــمود ). يعشق عقله، يميز مابين الصواب والخطأ ولست أعني بالتمييز انه يعمل الصواب دائماً فهو كثيرأً ما يخطئ، وهو يعي الخطأ ولكن لا يكترث ما دامت تجعله مبتسماً بما فعله. ماهي الأماكن التي تستهوي زميلي ( محمود )؟ له أماكن عدّه منها ( المجالس الثقافية، الأندية العملية، المؤتمرات و لوبيات الفنادق ) وغالباً ما تراه في منزله بين كتبه؛ فهو يطعم عشيقه ( عقله ). ويقضي أغلب وقته في مناقشة ما خلّفته له كنوز المعرفة والكتب - وقد لا تكون كنوزاً في كل الأحوال -، يحب التفتح والقوانين ويكسرها أحياناً.

     آخرهم المتدين ( راكان ). يعشق الروحانيات، يرى أن دنياه قصيرة وفي آخرته خلود. كثيراً مانراه في المساجد وحلقات الدين والعلم الشرعي والعقيدة. تستهوي نفسه مغازلة المجلدات الكبيره كالتي في ( صحيح بخاري و مسلم ). يعي حقاً أن جنته تحت أقدام والدته.


     ثلاثة شبّان، مختلفين في أنماط حياتهم وسلوكياتها، ولكنهم يشتركون في مجتمع واحد، بوجودهم تتحقق معادلة أيِّ مجتمع آخر؛ فلا أكاد أرى متدين بلا مستهتر، ولا مفكر بلا جاهل أو أميّ. ولكل حياةٍ منحنيات وبها مراحل عدّة، فهذا صديقي علي يمثل إحدى هذه المراحل وهي ( المرحلة الجمالية ) فتقف حياته عند نفسه ونفسه فقط. و زميلي محمود يمثل ( المرحلة الأخلاقية العقلية ) فتتوقف خُطاه على مجتمعه و إدراك فهم الحياة بأي صورةٍ كانت سواءً كانت تنافي الفطرة التي فُطر بها أم لا؛ فعقله دليله في جميع الأحوال. و راكان يمثل ( المرحلة الدينية ) فتراه إرتقى على ماهو في الأرض ليتجه إلى ماهو فوق النجوم.

     ماذا لو أجتمع اصدقائي في جسد واحد و أخذنا من كل نفرٍ منهم الحرف الأول من اسمه ( علي، محمود، راكان ) لتجتمع وتُشكل اسم ( عُمر ) وتجتمع فيه أنماطهم وشخصياتهم أيضاً، فأي أنواع الحروب ستكون بالداخل؟ ومن هو المنتصر؟ في الواقع أنا لا أخشى عليه من سلوك ( علي ) صاحب المرحلة الجمالية فهو لا يشكل أي خطر أو تهديد، فمن هم على شاكلته مُسيّرون وليسوا مخيّرون في مجتمعهم. ولكن الحرب قائمةٌ بين ( راكان و محمود ). فـ راكان صاحب المرحلة الدينية يخشى ربه ومتزن في حياته، ومختلف كل الإختلاف عن عقل ( محمود ) فهو يرى أن ليس كل ذي عقلٍ يُقتدى به. فمنهم من جرت بهم جوارحهم وعقولهم إلى التطرف والإلحاد؛ وذلك بسبب الإفراط في تناول وجبات الفكر الغربي المنحرف في معتقداتٍ ديننا بها أعلم و أولى. الحرب قائمة لا منتصر حتى الآن، ولكن ماذا لو كان ( عُمر ) هو أنت يمثلك أو يمثلكي، وترى في داخلك حروباً كما في داخل ( عُمر )، من سينتصر داخلك؟. إذا انتصر التديين المتزن بداخلك فهنيئاً لك وإذا انتصر العقل المنحرف فرجع فطريقك دائماً مفتوح واحذر السئ من المطاعم الغربية الغازية، وإذا انتصر ( علي ) عليك.... حسناً لا أعتقد ذلك ولكن أذا انتصر فحرق نفسك!

بقلم/ أحمد خالد النعيم